أنت هنا:

  1. أنيسة العناية: الجوائز تخيفني…و أسعى إلى الإختلاف!

أنيسة العناية: الجوائز تخيفني…و أسعى إلى الإختلاف!

الممثلة أنيسة العناية

حلووول – رانية النتيفي

هي موهبة فذة و مشروع نجمة مضيئة في سماء السينما المغربية، خطفت الأنظار في فيلم “أفراح صغيرة” و كانت ممن تلقى المديح من الجمهور و النقاد سوية. بعد عرض فيلم “أفراح صغيرة” في المهرجان الوطني للفيلم بالمغرب كان لنا هذا اللقاء مع الفنانة أنيسة العناية.

أنيسة العناية 1

الفنانة أنيسة العناية، فيلم “أفراح صغيرة” هو أول عمل سينمائي لك و لكن رغم ذلك، آدائك كان احترافيا و الجمهور و النقاد أشادوا بك، فكيف كان التحضير لدور “نفيسة”؟

يرجع الفضل في ذلك للمخرج محمد الشريف الطريبق الذي ركز على تحضيري للدور. الفيلم تم في تطوان و لذلك فكل الممثلات تطوانيات إلا أنا. فأنا من العرائش و لكوني أعيش بالرباط فقد بدأت أفقد اللكنة الشمالية. لذلك كان علي أنا بالذات الإستعداد و التدرب اللغوي على النطق باللكنة التطوانية لمدة شهر قبل التصوير، فكنت أقابل أناسا و أحاورهم و أتعلم اللكنة. أما فيما يخص جوانب شخصية “نفيسة”، فقد قرأت نص الفيلم و تعرفت على مميزات الشخصية..عنيدة و تعيش عدم استقرار عاطفي. تقمصت الشخصية و بحثت في أعماقها. نظن أحيانا أننا الوحيدون الذين نحب أو نحزن و هذا غير صحيح، فهذه مشاعر يعيشها العالم بأسره و لكن كل منا بطريقته. يكفي أن تبحث في أعماقك كي تجد كيفية انفعالك و تعبيرك..

“أفراح صغيرة” فيلم جريء و طرح موضوع المثلية الجنسية، أ لم تخشي النقد خاصة أن هذا أول عمل لك؟

هذا هو صلب الموضوع، “أفراح صغيرة” لم يتخذ من العلاقة مثلية موضوعا أساسيا بل قام التطرق إليها ضمن مواضيع أخرى. إن محور الفيلم الأساسي هو عالم النساء بخباياه وأسراره. محمد الشريف الطريبق أدخلني عالم النساء هذا و ذلك بعد بحث و دراسة. الموضوع لا يتعلق بعلاقة مثلية بقدر ما هي مغامرة لاكتشاف الذات، و هذا طبيعي في عالم به المرأة و الرجل منعزلين عن بعضهما البعض. في الحقبة الخمسينية كانت المرأة تعاقب لمجرد أنها أطلت من السطح مثلا، ليس كما اللآن حيث تختلط النساء بالرجال و تستطيع الفتاة لقاء شاب في أي مكان. لذلك ففيلم “أفراح صغيرة” قدم لنا الجو الداخلي الحميم لبنتين و سيدتين في “الدار الكبيرة”…كيف يتحضرن للعرس، كيف يتحاورن..يتلاطفن.يساعدن و يغضبن من بعضهن البعض. لذلك فعالم الفيلم هو عالم نسائي محض.

أما بالنسبة للنقد، فالنقد موجود في جميع الحالات و الممثل يجب عليه تقبله. أنا كطالبة في المعهد العالي للتمثيل متعودة على مبدأ تلقي النقد من أساتذتي، من الغلط و النقد يتعلم الإنسان، و إن انتقدت فيكفيني أن من انتقدني قد لاحظ ما سأعمل على تفاديه في مشاريعي القادمة، و هذا في حد ذاته شيء إيجابي و ليس سلبي بالمرة. إن وجهت إلي ملاحظة في أعمالي فسأعمل على تطوير نفسي و أشتغل عليها، فالممثل كالعجين يتشكل حسب الشخصية التي يجسدها.

الأستاذ الطريبق ساعدك في توظيف طاقتك الفنية بشكل رائع، إضافة إليه من يلهمك من المخرجين المحليين و الأجانب؟

فعلا، الأستاذ الطريبق ساعدني كثيرا من الناحية الفنية و كذا تشخيصي للدور، حيث كان يقف عند كل ما يمكنه جعل تشخيصي مبالغا فيه، بل بالعكس كان حريصا على أن يكون مردودي هو بالضبط ما يحتاجه الدور. أما فيما يخص باقي المخرجين الذين أتمنى التعاون معهم فأنا أحب المخرج فوزي بنسعيدي و نمطه الإخراجي، يعجبني كذلك “ياسر فنان“، فقد أحببت جدا فكرة فيلمه “كاريان بوليود” و طريقة تناوله لها، أعلم أنني سأحاسب على ما أقول لكن في نظري هذا المخرج هو الوحيد الذي يتقن فن التلفزيون في المغرب و أعماله الفنية الرمضانية مكتملة الجوانب. هو ببساطة فنان يشعرك بمدى كده و اجتهاده في العمل و يحترم ذكاء المشاهد. هناك مخرج آخر يعجبني كثيرا و هو “محمد مفتكر” الذي عشقت فيلمه “جوق العميان” لحد الجنون، يعحبني “هشام العسري“، “ليلى المراكشي“…أحب العديد من المخرجين المغاربة لأننا نتوفر على طاقات هائلة. خلال المهرجان الوطني للفيلم بطنجة أعجبني جدا عمل المخرج “هشام أمل” سيمفونية المورفين، هذا المخرج رائع أتى بنفس جديد في روح السينما و أتمنى أن يستمر و لا يتوقف عند هذا العمل، كما أتمنى أن تؤخذ أعماله بعين الإعتبار.
بالنسبة للمخرجين للأجانب فأنا عاشقة للعديد و العديد منهم، أشاهد كما هائلا من الأفلام و أستمتع كثيرا بذلك. و أكثر من أحب هم “كوينتن ترانتينو” و “المدوبار” و “ستانلي كوبريك” و “أمير كوتسوريتسا“…يصعب علي عدّهم.

أنيسة العناية 2

لديك مشاركات في المسرح قبل طرقك باب السينما مع الأستاذ الشريف الطريبق. فما الأصعب في نظرك من الناحية التمثيلية، المسرح أم السينما؟

أنا فعلا بدأت مشواري الفني على خشبة المسرح لكن في نظري لكل منهما سحر خاص. المسرح في تكوينه يختلف كليا عن السينما حيث على الممثل أن يحمل في جعبته الكثير لأن الجمهور يقيّمك بشكل فوري، بينما السينما بها مراحل تصوير و توضيب و تحذف عناصر و تتبقى أخرى. هذا يدفع الممثل ليتقمص الشخصية لآخر رمق عند تواجده على خشبة المسرح. مما يجعل الفرق بين الميدانين شاسعا جدا، إلا أن رغم ذلك، فلكل منهما سحره الخاص.

ما اللون التمثيلي الذي يستهويك أكثر…و هل تصنفين نفسك في الدراما، التراجيديا، الكوميديا…؟

سأقول لك شيئا، أنا ممثلة، و لهذا إن عرض عليّ فيلم مهما كان تصنيفه فسأقوم بالتشخيص المطلوب مني سواء كان دراميا أم تراجيديا أم كوميديا أم مسرحية…في رأيي على الممثل أن يكون لديه إلماما بكل الأشكال و يعزف على كل الأوتار، فهذا المجال ليس بفيزياء أو فلسفة لكي يتخصص الشخص في جزء خاص منه، بل مجموعة من الأبواب على الممثل طرقها بأجمعها.

السينما باب من أبواب الترفيه لكنها أيضا قوة ناعمة تساهم في تهذيب المجتمعات إذا استخدمت بالشكل الصحيح، ما هي آمالك فيما يخص السينما العربية عامة و المغربية بالأخص، خاصة أن مجتمعاتنا تحارب آفات عديدة في السنوات الأخيرة؟

أظن أننا بدأنا نستوعب فكرة دور الفنون في تهذيب المجتمع، كالموسيقى و الرسم و السينما و المسرح…كما أصبح لدينا مخرجين لديهم الجرأة على تناول مواضيع كانت تعد “تابوهات” ممنوعة سابقا، لم نعد نخشى من الخوض في بعض المواضيع لأن الحديث فيها عيبا. لقد اكتسبنا روح المغامرة و بدأنا ندخل تحديات صعبة. لسنا الوحيدين الذين نعاني من مشاكل بل العالم بأسره غير أن لكل منا طريقته في الخوض فيها، نحن بحكم جغرافيتنا و ثقافتنا و ما عشناه كشعب يجعلنا نعبر عن ما يخالجنا بطريقة أحيانا عنيفة لكن رغم ذلك نحن أناس مسالمون، قد تجدين متشردا يعيش ظروفا قاسية يشاهد فيلما و تتأثر عواطفه. نحن لسنا بشعب سيء، بل نحن شعب أفراده بحاجة ليتعلم اللإستماع لبعضهم البعض، و الابتعاد عن الأحكام المسبقة، عندها لن يخشى الفنان الخوض في موضوع اجتماعي شائك كالدعارة أو الشذوذ. أظن أننا بدأنا نصل لهذا الوعي و أقرب مثال هو نفسي، فقد بدأت أستطيع الخوض في هذه المواضيع مع أفراد عائلتي دون أي إحراج.

أنيسة العناية 3

ما رأيك في عزوف الجمهور عن صالات السينما و استبدالها بالإنترنت لمشاهدة الأعمال الفنية؟

تضحك و تقول: ليست لدي إحصاءات تخص هذا الموضوع لكن بصراحة كثيرا ما أمر أمام دور السينما بالرباط حيث أقطن و أرى أناسا يرتادونها، معظمهم من الشباب، قد يكون الوضع أحيانا مرتبطا بالأوضاع الإقتصادية للأشخاص فتجدهم لا يستطيعون توفير ثمن التذكرة، فينتظرون حتى يشاهدوا الفيلم في التلفزيون بعدها بسنة أو سنتين أو يقتنون دي في دي لمشاهدته. لكن هذا لا يمنع أن هناك جمهورا سينمائيا، قد نكون قد عشنا هذا العزوف منذ بضعة سنوات بسبب ضعف الإنتاج السينمائي لكن هذا الجيل الصاعد يؤمن برسالة السينما في العالم التي تتجلى في الإرتقاء و تهذيب و تنمية المجتمعات و أنا منهم.

لم تكن الجائزة من نصيبك لكنك في المقابل أسرت قلوب المشاهدين في دور “نفيسة”، فماذا تحضرين لهم من أعمال مستقبلية؟

لست حزينة لعدم حصولي على جائزة، بل أحب الفنانة راوية المكتوم كثيرا و سررت جدا للجائزة التي حصلت عليها. الجوائز و التكريمات يجب أن تمنح للفنان قبل أن يبلغ من العمر عتيا، و الفنانة راوية المكتوم لا يزال في جعبتها الكثير. لذلك لا أحبذ المقارنة بين الفنانة راوية الموجودة في الساحة الفنية منذ سنوات عديدة و بيني أنا في أول ظهور سينمائي لي. أنا جسدت دور “نفيسة” و أحب أن تعطى لي فرصة الظهور في أفلام أخرى و حينئذن ان ارتئت اللجنة أنني أستحق جائزة….ما أطمح إليه كممثلة حالية هو عدم الوقوع في فخ التكرار و الدوران في حلقة مفرغة. أتمنى تشخيص كل الأدوار لكن بطريقة مختلفة في كل مرة. أي إن كنت قد جسدت دور نفيسة بشكل معين سأجسد دور “فاطمة الزهراء” مثلا أو دور رجاليا ان اقتضى الأمر بشكل مختلف كليا. المهم الابتعاد عن النمطية.

ثم أضافت: راوية المكتوم تبقى فنانة رائعة و أنا سعيدة بكسبها للجائزة و بالنسبة لي فما كسبت أنا شخصيا هو رأي النقاد و الجماهير الذين شاهدوا فيلم “أفراح صغيرة” في المهرجان الوطني للفيلم. و أثناء تواجدي بطنجة أيام المهرجان هناك من تعرف علي و استوقفني. الجمهور شاهد الفيلم و أحبه و هذا شيء جميل جدا. لا أريد جوائزا…بل أريد إيصال الإحساس للناس…فأنا مثل أي شخص تعذبت و عشت لحظات مؤلمة و لدي الكثير من المشاعر و الأحاسيس و الذكريات بداخلي التي أريد اقتسامها مع الجمهور و الفنانين و المخرجين. هناك من يقول أن تفكيري بسيط لكن هذه أنا و لا أطمح للتغيير. مهما حصلت من تغييرات في حياتي سأبقى أنا تلك الفتاة المدعوة “أنيسة العناية” بنت مدينة العرائش، المحبة للموسيقى و المسرح و كل ما هو جزء من البيئة التي عاشت بها. أخاف الجوائز و أخشاها لكن يجب أن ينال كل ذو حق حقه.  أصحاب المسيرة الطويلة و الخبرة هم الأحق في تلقي الجوائز و التكريمات. أتمنى أن يشاهد الجمهور المغربي فيلم “أفراح صغيرة” و يتعرف علىه لأنه ليس مجرد فيلم بل تراث و ذاكرة هناك من يجهلها و عليه مشاهدة الفيلم للتعرف عليها.

كلمات بحث ساعدت على الوصول إلى هذا الموضوع:

  • أنيسة العناية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أعلى الصفحة